الأربعاء، 30 سبتمبر 2009

د. الرافعي :الحل للأزمة اللبنانية في إلغاء الطائفية السياسية




د. عبد المجيد الرافعي خلال حواره مع "القضية":


الحل للأزمة اللبنانية في إلغاء الطائفية السياسية وتكريس المواطنية وتعزيز الوحدة الداخلية والتوافق على "الإستراتيجية الوطنية"
أمننا واستقرارنا مرهونان بيقظتنا وحدتنا الداخلية لمواجهة ما نتعرض له من تحديات
مستقبل طرابلس مرهون بإرادة أبنائها وعملهم من أجل التقدم والنهوض بمدينتهم واستعادة ما سلب منها من أدوار سياسية واجتماعية واقتصادية

دعا النائب السابق الدكتور عبد المجيد الرافعي جميع أفرقاء السياسة اللبنانيين، كي يتفقوا على توفير الأرضية الجديدة الصالحة للحوار والتفاهم فيما بينهم، ولو كلفهم ذلك تقديم المزيد من التنازلات المتبادلة لبعضهم البعض في سبيل مصلحة البلد الذي يجب أن لا تعلوها أية مصلحة داخلية أو خارجية.

وقال الرافعي خلال حديثه لـ "القضية" أن لبنان لن يجد الأمن والاستقرار في ظل وجود الكيان الصهيوني الذي لا يخفى أطماعه في أرضنا ومياهنا وهوائنا وسيادتنا الوطنية.

أضاف: في الوقت الذي ندعو إلى نسج أفضل العلاقات مع الأشقاء العرب ودول الجوار العربي، نؤكد رفضنا أية تدخلات لهذه الدول في شؤوننا الداخلية من منطلق تمسكنا بكافة تقاليد الأخوة والجوار والعيش المشترك.

وفي الشأن الطرابلسي راى الرافعي أنه لن ينهض بالمدينة سوى أبناؤها مهما جرى من تغييب لدورهم أو تحجيم لإرادتهم أو إلحاقهم بقوى وسياسات لا تخدم مصالحهم ولا تستشرف المستقبل الأفضل لأبنائهم، فطرابلس تزخر بالأكفاء، وغنية بالأوفياء والغيارى على دورها الاجتماعي والسياسي والحضاري،ورداً على سؤال حول الواقع العربي وكيفية استنهاض الأمة العربية قال:" إن استعادة الحقوق واستنهاض الأمة، لن يكونا إلا باعتماد خيار المقاومة والتحرير والجهاد ونبذ خيار المساومات والتنازلات. وإن آفاق هذا الاستنهاض تشرق اليوم على أرض العراق الأشم كما في صمود شعب فلسطين".

"القضية" التقت رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي الدكتور عبد المجيد الرافعي في دارته في أبي سمراء وكان الحوار التالي:
حاوره وسيم فؤاد الأدهمي



- كيف ترى الحياة السياسية في طرابلس، بين الأمس واليوم؟
- تغيرت كثيراً، وبشكل سلبي غير مسبوق في حياة هذه المدينة العريقة المعروفة بأصالة انتمائها القومي ونصرتها للقضايا الوطنية والعربية وحتى الدولية التحررية.

ولو رجعنا إلى سنوات الهيمنة التي مرت بها المدينة، لتلمسنا بعض ما سبق وتعرضنا له نحن كحزب بالذات، وما تعرض له أبناء المدينة من قهر وحرمان واستلاب للقرار السياسي المستقل. غير أن ذلك، وعلى مرارته، يجب أن لا يعفينا جميعاً عن التخلي عن مهامنا وواجباتنا الوطنية والاجتماعية والخروج من مختلف السلبيات البعيدة عن هموم المواطنين وقضايا الوطن والأمة.
إن التحديات التي تواجهنا جميعاً، سواء على صعيد السيادة الوطنية، أو توفير الحياة الكريمة للمواطنين، وصولاً إلى لقمة العيش التي يجب أن يحصلوا عليها من دون تفريط بكرامتهم وإنسانيتهم. إن هذه التحديات تستدعي العودة إلى الذات والأصالة للنهوض بالمدينة إلى كل ما يليق بماضيها وتاريخها وتراثها الذي صنعه الأجداد والأبناء ليجعلوا من اسمها رديفاً للعلم والعلماء والتسامح والانفتاح على الآخرين.
- كيف السبيل للنهوض بالمجتمع الطرابلسي، وتفعيل الحياة السياسية بشكل يخدم مصلحة المدينة وأهلها والوطن؟
- لن ينهض بالمدينة سوى أبناؤها مهما جرى من تغييب لدورهم أو تحجيم لإرادتهم أو إلحاقهم بقوى وسياسات لا تخدم مصالحهم ولا تستشرف المستقبل الأفضل لأبنائهم، فطرابلس تزخر بالأكفاء، وغنية بالأوفياء والغيارى على دورها الاجتماعي والسياسي والحضاري، ولنا ملء الثقة بأن المجتمع المدني الطرابلسي. وقواه الوطنية والسياسية والنقابية قادرون على النهوض بهذا الدور، مهما شهدته المدينة من عثرات وكبوات لا بد من التغلب عليها وتجاوزها بالشكل الذي يخدم مصالح أهلها وارتباطهم بقضايا أمتهم ووطنهم.

- ما هي رؤية حزب الطليعة لما يجري على الساحتين الداخلية والإقليمية؟
- إذا كان المقصود بهذا السؤال التطورات السلبية الأخيرة الناجمة عما تشهده عملية تشكيل الحكومة العتيدة من عراقيل داخلية وخارجية، فهذا مثار قلقنا الشديد، ليس لناحية تجميد الحياة السياسية اللبنانية وحسب، وإنما أيضاً لما يمكن أن تحدثه من شروخ وانقسامات جديدة لم يعد البلد بقادر على تحمل ذيولها ومخاطرها، خاصة أن العدو الصهيوني الغاصب يعمل ليلاً ونهاراً على إحداث التفرقة في صفوفنا والاعتداء عل سيادتنا.

من هنا، فإننا نجدد ما سبق ودعونا إليه مراراً جميع أفرقاء السياسة اللبنانيين، كي يتفقوا على توفير الأرضية الجديدة الصالحة للحوار والتفاهم فيما بينهم ولو كلفهم ذلك تقديم المزيد من التنازلات المتبادلة لبعضهم البعض في سبيل مصلحة البلد الذي يجب أن لا تعلوها أية مصلحة داخلية أو خارجية.

أما بالنسبة للناحية الإقليمية، فإننا وفي الوقت الذي ندعو إلى نسج أفضل العلاقات مع الأشقاء العرب ودول الجوار العربي، نؤكد رفضنا أية تدخلات لهذه الدول في شؤوننا الداخلية من منطلق تمسكنا بكافة تقاليد الأخوة والجوار والعيش المشترك.
- إلى متى سيبقى مستقبل لبنان وأمنه واستقراره مرهوناً بالصراعات في المنطقة؟
- لن يجد لبنان الأمن والاستقرار في ظل وجود الكيان الصهيوني الذي لا يخفى أطماعه في أرضنا ومياهنا وهوائنا وسيادتنا الوطنية. وإذا كان شأن لبنان، هو شأن الأقطار العربية الأخرى، أيضاً، فهذا ما يجب أن يكون نصب أعين اللبنانيين والعرب على حد سواء، ومهما سمعنا من سلام مزعوم أو تسويات مشبوهة، أو محاولات لتدجيننا وإقناعنا بهذا السلام المزعوم، فالعدو الصهيوني لم يخف يوماً نواياه الإجرامية بحق أمتنا ووطننا، وهو الذي يرفع شعار: "أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل"، وبالتالي فإن أمننا واستقرارنا مرهونان بيقظتنا وحذرنا ووحدتنا الداخلية، لمواجهة كل ما نتعرض له من تحديات ومخاطر.
- كيف تستشرف مستقبل مدينة طرابلس؟
- إنه مرهون بإرادة أبنائها وعملهم من أجل التقدم والنهوض بمدينتهم واستعادة ما سلب منها من أدوار سياسية واجتماعية واقتصادية، وهي التي تحولت إلى قرية نائية ولم تعد الأقرب منها للعاصمة الثانية للجمهورية اللبنانية. وكما سبق وتناولنا هذا الموضوع في سؤال سابق، فإن أبناء المدينة قادرون على القيام بكل ما يحقق الرفاهية والتنمية لمدينتهم إذا توحدت إرادتهم، وتشبثوا بكل ما يجمعهم وينبذوا الفرقة والشرذمة من صفوفهم.
- هل من أفق حقيقي وشامل للأزمة اللبنانية؟
- للأزمة اللبنانية أكثر من عنوان خارجي وداخلي. وتنحصر العوامل الخارجية فيها بشكل أساسي في:
1- التهديدات الصهيونية العسكرية والأمنية للسيادة الوطنية اللبنانية، وأطماعها في مياهنا وترابنا والتي لم تعد خافية على أحد.
2- التدخلات الخارجية، الإقليمية منها والدولية في شؤوننا الداخلية، وتسابق كل منها لأن يكون لها موقع قدم على أرضنا ومصادرة قرارنا السياسي.

أما العوامل الداخلية، فإنها تتمثل أساساً بالنظام الطوائفي السياسي الذي ما زال يحكم البلد بعقلية نظام المتصرفية، حيث إن كل طائفة لا تجد الحماية والأمان لها سوى خارج الحدود اللبنانية على حساب كل ما هو انتماء لهذا الوطن. وهذا ما خلق التربة الملائمة للتدخلات القريبة منها والبعيدة على حد سواء.
لقد توافقنا في الطائف عام 1989 على الهوية العربية للبنان، وعلى البدء بإلغاء النظام الطائفي السياسي، وللأسف فإن عشرين عاماً قد مرت على الطائف، والطائفية تترسخ داخل أوصال هذا البلد لتترجم مذهبية وشحناً واحتقاناً. لذلك، فإن أولى علامات أفق الحل الحقيقي والشامل للأزمة اللبنانية، هو في إلغاء الطائفية السياسية، وتكريس المواطنية والانتماء الحقيقي للوطن وبتعزيز الوحدة الداخلية والتوافق على الإستراتيجية الوطنية، العسكرية والأمنية لمواجهة كل تدخلات خارجية، خاصة الأطماع الصهيونية والمحاولات الامبريالية- الأميركية لإلحاقنا بمشروع الشرق الأوسط الكبير.
إن كل توافق داخلي لبناني، يجب أن يدفع الجميع إلى التنازل عن مصالحهم الفئوية والذاتية، لمصلحة الوطن الذي هو أكبر من الجميع، ولا أمن أو أمان للجميع سوى في التظلل تحت سمائه، دونما تفرقه أو تمييز بين لبناني ولبناني آخر.
- كيف تقرأون الواقع العربي اليوم. وكيف السبيل لاستنهاض الأمة؟
- إن الواقع العربي اليوم، يؤكد ما سبق وذهبنا إليه في المراحل الأولى لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي، من أن صراعنا مع العدو الصهيوني هو صراع وجود، لا صراع حدود، وهذا ما أكدته الوقائع التالية لاغتصاب فلسطين وإعلان دولة الكيان الصهيوني الغاصب، وما أعقبها من احتلال للمزيد من الأراضي العربية وقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وصولاً إلى ما أعلنه العدو الصهيوني مؤخراً، من تهويد كليِّ لفلسطين المحتلة وإلغاء الأسماء العربية للقرى والمدن والدساكر فيها، وحتى التدخل في فرض المناهج التعليمية، وخاصة مادة التاريخ على عرب فلسطين بالشكل الذي يرمي إلى إلغاء ذاكرتهم الوطنية والقومية.
وفي العراق، تتجلى اليوم أخطر حلقات الأطماع الامبريالية الأميركية في احتلال هذا القطر وتقسيمه وتدميره وتقطيع أوصاله، كمقدمة لتعميم ذلك على ما تبقى من أقطار عربية ومواقع متقدمة للنضال القومي والوطني التحرري في العالم.
وإن أية مواجهة عربية فاعلة، ينبغي أن تنطلق من وعي الأمة العربية، شعبياً ورسمياً، إلى كل ما هو مرسوم لهم، لمغادرة حالات الانقسام والشرذمة والتفتيت، والإقلاع عن التنازلات المجانية التي قُدمت لأعدائنا، خاصة، بعد أن أثبتت التسويات وعمليات السلام المزعوم، بطلانها وفشلها، لأنها صُنعت أساساً لمصلحة الأعداء على حساب الأمة ومصالحها وتاريخها وحضارتها.
إن استعادة الحقوق واستنهاض الأمة، لن يكونا إلا باعتماد خيار المقاومة والتحرير والجهاد ونبذ خيار المساومات والتنازلات. وإن آفاق هذا الاستنهاض تشرق اليوم على أرض العراق الأشم كما في صمود شعب فلسطين. وان الجبهة الشعبية العربية العريضة هي المطلوب تشكيلها اليوم لاحتضان الفعل العربي المقاوم، سواء في العراق أو فلسطين أو لبنان أو غيرها من أرض العروبة، فلا كرامة لأمة تحت حراب الاحتلال، ولا شرعية لاحتلال في ظل بندقية تقاوم.

4 تعليقات:

في 8 أكتوبر 2009 في 10:09 ص , Blogger بنجامين گير يقول...

شكراً على نشر هذا الحوار. قد يهمك هذا التلخيص لبحث علمي يطرح رؤية مختلفة لكيفية القضاء على الطائفية في لبنان.

 
في 8 أكتوبر 2009 في 12:11 م , Blogger ... يقول...

شكراً جزيلاً لقرائتك الحوار، ويهمني طبعاً الاطلاع على التلخيص الذي ذكرته، مع الاشارة الى أنني أود أن أعرف كيف تعرفت على الموقع.
مع أطيب التمنيات

 
في 8 أكتوبر 2009 في 4:41 م , Blogger بنجامين گير يقول...

عفواً! كنت أبحث عن مدونات تتناول موضوع الطائفية والديمقراطية في لبنان، بمحرك بحث Google Blog Search. وأريد أن أعرف هل هناك أي مبادرات الآن من أجل القضاء على الطائفية في لبنان؟ مع أطيب تحياتي.

 
في 9 أكتوبر 2009 في 12:34 ص , Blogger ... يقول...

ما من مصلحة لأحد بالقضاء على الطائفية طلما أن "ملوك الطوائف" يجمعون الثروات الطائلة من خلال التجارة باسم الطوائف، ويفتحون دكاكين سياسية تدعي الوطنية، فيما يبدو الازدوج في الخطاب السياسي واضحاً. فالزعيم يظهر مرة بمظهر الزعيم الوطني، ومرة أخى بمظهر المدافع الأول عن حقوق الطائفة.
اننا لا نرى أملاً بقيام دولة غير طائفية في لبنان ولو بعد حين!

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية

html code
Metal Safety Gates